الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

الطموح


اضعت فترة واسعة من عمرى يحيرنى معنى كلمة " الطموح " فهذا شخص طموح و تلك شخصية طموح و هولاء مجموعة من الشباب الطموح !!! طب اية ؟؟؟
الغريب والمضحك فى نفس الوقت ان احد لم يخبرنى من قبل ولو بالكذب أنى ( حد ) طموح ولكن ليست تلك الاشكالية . لكن اريد واحد من هؤلاء اصحاب نعت " الطموح " ان يخبرنى بمعنى نعتة ان كان يعرفة حقا !! اذكر اننى فى احد الاحاديث الساخرة بينى وبين امى انها حدثتنى فى مجموعة من القيم كان الطموح واحدا من ضمنها و ما اذكرة من هذا الحديث انها قالت " لازم يبقى عندك هدف فى الحياة ولازم تخلى طموحك هو اللى يحركك عشان تحقق هدفك "
تعجبت من حديثها رغم سهولة محتواة فكيف يكون لى هدف ونحن لا نثبت على راى واحد اكتر من ساعات و انتى تريدين منى ان اخلق هدفا بعيد المدى لا يتغير مهما مر علية من زمن ومهما دهست عربة التجارب شخصيتى وحولتها الى واحدة اخرى و من اخرى الى اخرى  , وبالطبع هذا الهدف هو الطريق الوحيدة لفهم مسمى الطموح . لا اعرف لماذا استوقفتنى تلك الكلمة الان فقديما كانت تمر على اذنى ومن بعدها عقلى وياخذها الاثنان ولا يجدلان . كم اكرة هذا المنبة العقلى الذى يستيقظ دون سابق انذار ليتشبث فى اول مسلمة من المسلمات التى تعترض طريقة و ليتة يتشبث بها ويصمت بل لابد وان يلتهم حصة ( محترمة ) من تفكيرى و انا تعيس الحظ لا حكم لى على هذا الشغف الذى ولدت بة ونخوض فى رحلة باحثين عن اجوبة وعادة ما نعود ساحبين خلفنا ذيول الهزيمة الفكرية الشنعاء ليس فقط ولكن حقيبة هائلة تمتلئ بكم ( محترم بردو ) من التعليقات والانتقادات اللاذعة وعلى رأسها كلمة امى الشهيرة " اجرى يا حبيبى العب بعيد انا مش فاضية لجنانك "
ومالة , امى بردو ولازم استحملها :D
وفى كثير من الاحيان يصف البعض الطموح على انة مصباح داخلى يهديك الى الطرق المتاحة والواجب طرقها وعدم التخاذل قبل إنهاءها او الانتهاء شهيد الطموح وهذا التعريف حقا هو المحبب الى قلبى فهو الوحيد الذى يضعنى على منتصف الطريق الى ضالتى المنشودة ف انا واحد من اكثر عشرة على كوكب الارض المؤمنين بوجود مصباح يقود وينير الطريق واعتقد انة هناك ملايين من البشر يشاركنى اعتقادى ولكن كم واحدا منهم يعرف كيف تضيئ هذا المصباح ؟ وان استطاع اضائتة فكيف تتحكم فى قدر الاضاءة الذى يتأرجح بين الاضاءة الخافتة التى تهدى الى لاشئ وبين الاضاءة القوية التى تصيب صاحبها بالعمى ؟؟!!
وكالعادة اسال  نفسى السؤال المعتاد والمفضل على قائمتى
" طب انت عايز اية دلوقتى ؟؟!! "
اجيب على نفسى بمنتهى السخرية
" لو كنت عارف انا عايز اية , كان خلص الموضوع :D"
والان الى الجانب المشرق فى هذا الكوب الفارغ انة مهما كانت سطحية تساؤلاتى فانا كنت واثقا انة بعد فترة من السباحة على السطح سوف تصل الى نقطة ما تستطيع منها الابحار فى الاعماق ولا تعرف متى ؟ ولا كيف ؟ تلتقى بتلك النقطة
اما انا فكان حديث دام لخمس دقائق مع ( صبى قهوجى ) كان المفتاح لبوابة الطموح المجهولة
مر هذا الشاب من جانبى فأعجبنى عطرة , اوقفتة و اخذت امدح فى عطرة الذى حقا اعجبنى ولم اشممه من قبل فحدثنى قليلا عن شغفة بمجال العطور وعن خبرتة فى العمل فى محلات العطور قديما ( ايام ماكانت الناس بتفهم يا باشا ) على حد قولة فهو يرى ان الثقافة الشعبية العامة لدى الجماهير قد انحسرت فى مجموعة من التوافه و اخذت الجماهير فى الترفع عن امور هى دلائل على الرقى والارستقراطية كالعطور وثقافة الورود والرفق بالحيوان , شعرت انة يفتح اشرعة سفينتة امام بحر هائل من الحديث عن تجاربة ورؤيتة فى الحياة ولكم تسعدنى تلك الحوارات ولكن اعتدالة الى جانبى جعل من رائحة عطرة شئ مستفز للسؤال اكثر من الازم عن ماهية هذا العطر وقد لاحظ هو ذلك وابتسم وتوقف عن الحديث ورفع رأسة الى السماء كما لو كان على اعتاب القاء قصيدة من الشعر الغجرى , بدء بسرد جميع انواع العطور التى يعرفها ولا يعرفها ثم انتقل الى سر التركيبة العجيبة التى يستعملها هو شخصيا , اخبرنى انة اكتشف تلك الخلطة بمحض الصدفة البحتة فقد كان يخلط مجموعة من العطور النسائية ليقدمها الى خطيبتة فأخطاء سهوا وخلط بها ( صنفين ) على حد تعبيرة, من العطر الذكورى وبعد ان لاحظ تلك الفاجعة دفعة فضولة ان يتشمم تلك التركبية الجديدة, وما ان ارتطمت رائحة هذا المزيج الفوضوي وليد الصدفة بأنفة , طار عقل صاحبنا و صال وجال وصار كلما قابل أحدا اخذ يحدثه عن اكتشافه الثوري وصنع منة عشرات القنينات كما لو أن القيامة ستقوم لاجل هذا الاختراع فقط وانا استمع و راسي فى مكان أخر بعيد كل البعد عن المقهى وهذا الصبي ( صبى القهوجي ) . كان عقلى يجلس امام بوابة الطموح و انا اشعر ان بصيصا من الضوء يطل برأسة من البوابة وكأنها قررت ان ترأف لحالى وتتعطف على بقليل من الاجابة التى بحثت عنها كثيرا , وعدت من بوابتى لاجدنى انهى الحوار مع هذا الشاب مودعا اياة  وتاركا له وعدا باستكمال حديثنا الشيق ولكن لحظتها كنت فى حاجة الى السكون والصمت كاننى اخاف ان يهرب هذا البصيص منى ولا يعود مجددا , وتوصلت فى النهاية لتعريف يرضى جميع الاطراف وكنت انا جميع الاطراف ويالا طرافة ماتوصلت الية !!
ليس هناك تعريف للطموح ...
نعم ليس هناك تعريف , فكل منا يرى الطموح بطريقتة وكل شخص على هذة الارض لة طريقتة الخاصة فى اشعال مصباحة الداخلى وضبط كمية الاضاءة التى تناسب عيناة
ولكن يظل الثابت الوحيد فى هذا الامر برمتة شئ واحد
وهو ان الطموح يبقى معلقا بمدى اتساع الرؤية امام عيناك ( انت ترى لعشرة امتار امامك سيكون حجم طموحك ما يملئ تلك الامتار العشرة , انت ترى نهاية الارض بأم عيناك فتخيل حجم طموحك )
فالبسيط يرى فى صناعة كوبا من الشاى انجازا خالدا تحسدة علية البشرية كحال صاحبنا (مخترع العطر) هو يرى نفسة دافنشى ويرى عطرة كالعشاء الاخير وهو على حق و طموحة المحدود بمقياسى انا على حق ولا احد يعلم قد يصبح هذا الشاب مطورا عالميا للعطور . ولكن العجيب فى هذا الامر انة كلما زادت بساطتك كلما كان احساسك بالانجاز اعلى و اقوى حتى ولو لم تصنع شيئا, اما غير البسطاء وانا لا اعرف لهم نعتا مناسبا قلما يمتلكون تلك الهبة الالهاية النادرة و الخطيرة فى نفس الوقت ...
اظننى ارحت جزء من عقلى ذلك المشغول بالبحث عن اجابة وافية لكلمة عابرة  ( الطموح ) .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق